ملتقى الجامع الأزهر: الإسراء والمعراج رحلة تكريم من الله وتثبيت للرسول في مواجهة الشدائد‏

1738212164 600

عقد الجامع الأزهر، اليوم الأربعاء، ملتقى السيرة النبوية الثاني عشر، بعنوان ‏«مسرى إمام المرسلين والمقام ‏المعلوم»، ‏بمشاركة الدكتور السيد بلاط، أستاذ ورئيس قسم التاريخ والحضارة الإسلامية بكلية اللغة العربية ‏بجامعة الأزهر سابقًا، والدكتور حسن القصبي، أستاذ الحديث وعلومه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية ‏ب موقعنا، وأدار الملتقى الشيخ إبراهيم السيد حلس، مدير إدارة الشئون الدينية بالجامع الأزهر الشريف.‏

‏الإسراء والمعراج معجزة فوق إدراك العقول البشرية‏

وأكد الدكتور السيد بلاط أن الإسراء والمعراج جاء تثبيتًا للنبي ﷺ بعد ما لاقاه من شدائد في سبيل الدعوة، فقد واجه ‏عزلة معنوية من قومه الذين اتهموه بالسحر والكهانة والكذب، وعُذب جسديًّا بالاعتداء عليه، حتى إنهم وضعوا ‏الشوك والأذى في طريقه وألقوا عليه أحشاء الذبائح وهو ساجد، فضلًا عن محاصرة أصحابه وتعذيبهم، كما حدث ‏مع سيدنا بلال وسيدنا عمار وغيرهم. وبلغت الشدائد ذروتها بحصار النبي ﷺ والمسلمين في شعب أبي طالب ‏لثلاث سنوات، حتى اضطروا لأكل أوراق الشجر، كما ذكر ابن هشام في السيرة.   ‏

وأضاف الدكتور بلاط أن هذه الابتلاءات الشديدة بلغت أوجها في العام العاشر للبعثة، فكانت معجزة الإسراء ‏والمعراج رحمة إلهية بنبينا ﷺ، فأسرى الله به إلى المسجد الأقصى، ثم عُرج به إلى السماوات العلى تكريمًا له ‏وتعزيزًا لمكانته، حتى لا يحزن إذا تخلّى عنه أهل الأرض، فله ربٌّ في السماء لن يخذله.   ‏

من جانبه، أوضح الدكتور حسن القصبي أن العقل البشري بقوانينه المحدودة لا يمكنه إدراك معجزة الإسراء ‏والمعراج، ولهذا بدأ الله سبحانه وتعالى سورة الإسراء بقوله: «سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ»، وهي إشارة إلى أن هذه ‏الحادثة من شأنها أن تعلو على قدرات العقول البشرية. فالنبي ﷺ لم يقل «أسريتُ»، وإنما قال «أُسري بي»، لأن ‏الفاعل الحقيقي لهذه المعجزة هو الله جل وعلا، الذي لا تحدّه قوانين الزمان والمكان.   ‏

وأكد القصبي أن الله سبحانه وتعالى، بقدرته المطلقة، قد أجرى من قبل معجزات خالفت القوانين الطبيعية، فجعل ‏النار بردًا وسلامًا على إبراهيم، وحفظ موسى في الماء، وخلق عيسى من غير أب، ورزق زكريا بيحيى رغم عقم ‏زوجته وكِبر سنّه. وهكذا فإن الإسراء والمعراج لم يكن أمرًا مستحيلًا، بل هو فيض من قدرة الله الذي إذا أراد شيئًا ‏قال له: «كن فيكون».   ‏

وفي ختام الملتقى، أشار الشيخ إبراهيم حلس إلى أن رحلة الإسراء والمعراج جاءت تكريمًا للنبي ﷺ وتسرية عنه ‏بعد ما لاقاه من شدائد، كما حدث في غزوة الخندق، حين اجتمعت الأحزاب على المسلمين، وكان النبي ﷺ يعمل ‏بنفسه في حفر الخندق حتى غطى الغبار بطنه الشريف، وربط حجرين من شدة الجوع. فكان من رحمة الله أن ‏أكرمه برحلة إلى السماوات العلى، ليرى من آيات الله الكبرى، ويثبَّت فؤاده أمام تحديات الأرض ومكائد الأعداء.‏

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *