كتب: محمد مرزوق
أطلق محمود فؤاد، المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء، صرخة مدوية للمجتمع التشريعي والطبي، مطالبًا بتعديل قانون المسؤولية الطبية لتحقيق التوازن بين حق المريض وحماية الطبيب من التعسف.
تأتي هذه المطالبة وسط حالة من الجدل المتصاعد حول القانون الذي يوصف بأنه سيف ذو حدين.
وأكد محمود فؤاد أن القانون لم يُطرح لتقييد الأطباء أو تعريضهم للحبس الاحتياطي، بل لضمان حقوق الطرفين، الطبيب والمريض، في إطار يحمي العدالة ويحد من الأخطاء الطبية التي تشكل تهديدًا للمجتمع الصحي.
وأوضح أنه منذ سنوات طويلة كان قانون المسؤولية الطبية مطلبًا رئيسيًا في الأوساط الطبية والقانونية.
وقال فؤاد “مع إقرار قانون المسؤولية الطبية أصبحت هناك أولويات جديدة يجب مراعاتها. فالقانون ليس مجرد نصوص جامدة بل منظومة متكاملة يجب أن تحقق الإنصاف وتضمن سلامة البيئة الصحية للمريض والطبيب على حد سواء.”
وأفاد بأن تقرير النيابة الإدارية لعام 2022، الذي رُفع إلى رئيس الجمهورية، أظهر تسجيل 553 شكوى ضد أطباء بسبب أخطاء طبية. لكن هذا الرقم يمثل القضايا الموثقة فقط، بينما تُحل العديد من المشكلات داخليًا أو عبر التسويات.
وسلط فؤاد الضوء على حالة السيناريست بشير الديك، الذي دخل في غيبوبة نتيجة خطأ طبي.
وأكد أن هذه ليست حالة فردية، بل جزءا من نمط متكرر يعكس ضغوطًا هائلة يواجهها الأطباء يوميًا، سواء بسبب نقص المستلزمات الطبية أو ظروف العمل غير الملائمة.
بيئة عمل مرهقة ومطالب مشروعة
وأوضح المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء أن الطبيب في مصر يعمل في ظروف مرهقة للغاية، مشيرًا إلى أن العديد من الأطباء يعملون ما يصل إلى 24 ساعة يوميًا لتغطية احتياجاتهم المالية. هذا الجهد الكبير، وفقًا لفؤاد، يعرضهم لأخطاء بشرية طبيعية قد تتحول إلى إهمال جسيم في ظل النظام الحالي الذي يفتقر إلى التمييز بين الخطأ الطبي العادي والإهمال المتعمد.
وأشار إلى جولات وزير الصحة الأخيرة التي كشفت عن غياب مئات الأطباء في المستشفيات الحكومية بسبب ضغوط العمل. فعدم توافر المستلزمات الطبية أو الأدوية مثل التخدير يؤدي إلى تأجيل العمليات، مما يترك المريض والطبيب ضحية لنفس المنظومة.
و يرى أن القانون الحالي بحاجة إلى تعديلات جوهرية تشمل:
تحديد مفهوم الخطأ الطبي بدقة: بحيث يفرق بين الإهمال الجسيم والخطأ البشري الطبيعي.
توفير بيئة عمل مناسبة للطبيب: بما يشمل رفع الرواتب وتحسين تجهيزات المستشفيات لضمان أداء أفضل.
إنشاء هيئة مستقلة للتحقيق في الأخطاء الطبية: بهدف تحقيق العدالة وحماية حقوق جميع الأطراف.
وأضاف أنه “لا يمكن أن نستمر في معاقبة الأطباء على أخطاء قد تكون نتيجة ظروف قسرية، فالطبيب أيضًا إنسان يواجه تحديات شخصية ومهنية كبيرة”.
وأشار إلى أن قانون المسؤولية الطبية يمثل فرصة حقيقية لإصلاح النظام الصحي في مصر إذا تم تطبيقه بطريقة عادلة ومنصفة.
وتابع “يجب أن يكون هذا القانون جسرًا للثقة بين الطبيب والمريض، وليس ساحة للصراع. العدالة الصحية لا تتحقق إلا بإصلاح شامل يضمن حقوق الجميع”.
واختتم بقوله “يبقى السؤال: هل تنجح المنظومة التشريعية في مصر في تحقيق هذه الرؤية؟ الأيام القادمة ستكشف الإجابة”.
تعليقات