يحيى قلاش يكتب: أزمة مشروع المسؤولية الطبية

يحيى قلاش يكتب: أزمة مشروع المسؤولية الطبية

تعكس العقلية التي تتم بها مناقشة مشروع قانون المسؤولية الطبية مدى تغلغل وعمق فقه الفكر العقابي في التشريع على الفكر الحقوقي.

ففي الوقت الذي يتخلص فيه العالم المتحضر من العقوبات السالبة للحرية إلا في جرائم محددة ومحدودة تتوسع عندنا دائرة هذه العقوبة دوّن مقتضي فى أحيان كثيرة بل اصبحت كأنها هي الهدف المقصود. الفكر العقابي يعلي من وقع الترويع قبل تحقيق المصلحة العامة.

لا توجد دول تحبس صاحب مهنة لإرتكابه خطأ هو من طبيعة ممارسة هذه المهنة خاصة في مراحل التعلم واكتساب الخبرات وإلا لاندثرت مهن وارتعشت أيدي اصحابها.

 

القانون يعالج عقوبة الإهمال ويعوض اي مريض علي قدر ما تركه هذا الإهمال من أثر. أما التعمد فهو جريمة متكاملة الأركان ومكانها القانون الجنائي وليس قانون ينظم اعمال المهنة.

المثال الأوضح في هذا الفكر العقابي يتجلى في ألهى صورة بمجال تشريعات حرية التعبير والنشر فرغم أن المحكمة الدستورية أكدت أنه إذا أُريد للمصلحة العامة أن تتقدم فيجب أن نتسامح في بعض الشطط أو الغلو في التعبير الذي يستهدف الغيرة على المصلحة العامة لكن الفكر العقابي أو العقوبي في النهاية هو الذي يتغلب لذلك نُبقى على ترسانة القوانين المقيدة للحرية التي تتراكم من عشرات السنين كطبقات جيولوجيه ونزيد عليها كل يوم بما نقوم بدسه في كثير من مشروعات القوانين التي تتجاهل تماما كثير من مواد الدستور الحالي.

يا أهل الخير مهنة الطب تعاني وحق المواطن في العلاج اصبح عليلا. من فضلكم بعض فضيلة الاستماع والحوار فمثل هذه المشروعات المتعجلة تزيد الأمور المتأزمة تعقيدا ولا تمد يد المساعدة لطبيب أصبح حلمة الوحيد هو الهروب، كما أنها لا تمد يد المساندة لمريض أصبح حقه في العلاج بعيد المنال وأصبح طوق النجاة له من كل هذه المحن هو الدعاء لله.

 

اقرأ أيضًا: يحيى قلاش: إعادة تمثال ديليسبس «بجاحة تاريخية» تُهين تضحيات بورسعيد

الرابط المختصر https://alhorianews.com/1zrh

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *