كتبت منة عثمان:
شهدت العلاقات بين حركة طالبان في أفغانستان وباكستان تصاعدًا ملحوظًا في عام 2024، حيث تزايدت الاشتباكات الحدودية والغارات الجوية المتبادلة، مما أثر على الأمن والاستقرار في المنطقة.
وشهدت العلاقات بين الدولتين توترات شديدة بسبب التدخلات العسكرية والاتهامات المتبادلة حول دعم الجماعات المسلحة، مما أدى إلى زيادة العنف عبر الحدود بين البلدين.
الاشتباكات الحدودية
في 7 ديسمبر 2024، أعلن الجيش الباكستاني عن مقتل ستة جنود و22 مسلحًا في اشتباكات مسلحة بمنطقة شمال غرب البلاد بالقرب من الحدود الأفغانية.
وقعت الاشتباكات في ثلاث مناطق بعد تنفيذ عمليات بناءً على معلومات استخباراتية في وزيرستان والمناطق المحيطة بها.
وقد أكدت حركة طالبان مسؤوليتها عن الهجوم، مشيرة إلى اقتحام نقطة تفتيش أمنية تابعة للجيش الباكستاني.
تصاعدت هذه الهجمات بشكل متسارع، مما يعكس التوتر المستمر بين باكستان وطالبان، وتستهدف طالبان بشكل رئيسي قوات الأمن الباكستانية في محاولات لتوسيع نفوذها في المنطقة وتحقيق أهدافها السياسية في إطار الصراع المستمر لإقامة نظام إسلامي صارم.
وأصبحت هذه الاشتباكات أكثر تعقيدًا مع مرور الوقت، حيث تراوحت بين عمليات عسكرية مدعومة بالمعلومات الاستخباراتية والهجمات المسلحة من قبل مجموعات تابعة لطالبان على المنشآت العسكرية في باكستان.
وقد جاء هذا التصعيد في وقت حساس بالنسبة للعلاقات الإقليمية، حيث كان الجانبان يسعيان لتحقيق مصالح أمنية واقتصادية على مستوى الحدود.
الغارات الجوية المتبادلة
في 25 ديسمبر 2024، شنت باكستان غارات جوية على ولاية بكتيكا شرقي أفغانستان، مما أسفر عن مقتل 46 شخصًا، وفقًا لمصادر أفغانية.
ووصفت طالبان الهجوم بأنه انتهاك صارخ للمبادئ الدولية، وأعلنت نيتها الرد على هذا التصعيد.
كما استدعت الخارجية الأفغانية السفير الباكستاني في كابول للاحتجاج على الغارات.
وتشهد العلاقات بين البلدين تأزمًا إضافيًا بسبب هذه الغارات، إذ يعد الهجوم على الأراضي الأفغانية تصعيدًا خطيرًا في النزاع الإقليمي المستمر.
ردًا على هذه الغارات، أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية في 28 ديسمبر 2024 أن قوات تابعة لحركة طالبان استهدفت “عدة نقاط” داخل باكستان، بعد أيام من الغارات الجوية التي شنتها إسلام آباد على أفغانستان.
ولم تذكر الوزارة في بيانها باكستان بالاسم، لكنها قالت إن الضربات نفذت “وراء الخط الافتراضي”، وهو تعبير تستخدمه السلطات الأفغانية للإشارة إلى الحدود مع باكستان.
وأشارت الوزارة إلى أن المناطق التي تم استهدافها “تمثل مراكزًا ومخابئ للعناصر الشريرة، وأنصارهم الذين نظموا ونسقوا الهجمات في أفغانستان، في الاتجاه الجنوبي الشرقي للبلاد”.
التوترات المستمرة
تستمر التوترات بين طالبان وباكستان في التصاعد، حيث تتبادل الأطراف الاتهامات بشأن دعم الجماعات المسلحة عبر الحدود.
تقول باكستان إن عددًا من الهجمات المسلحة التي وقعت في البلاد انطلقت من أراضي أفغانستان، وهو ما تنفيه حركة طالبان الأفغانية.
وتؤكد طالبان أن باكستان هي التي تشن الهجمات ضدهم عبر الحدود وتدعم الجماعات المسلحة المناوئة لهم.
التوترات بين الجانبين تشير إلى تعقيد العلاقات، حيث يتهم كل طرف الآخر بالتحريض على العنف في الأراضي الحدودية، ما يزيد من صعوبة التوصل إلى اتفاق أو تسوية دبلوماسية.
في الوقت الذي تحاول فيه باكستان استعادة الأمن على حدودها، فإن طالبان تواصل توجيه الضغوط العسكرية لتوسيع نفوذها في المناطق الحدودية.
الآثار الإقليمية والدولية
يتجاوز النزاع بين طالبان وباكستان الحدود الثنائية ليؤثر على استقرار المنطقة.
إن استمرار هذه التوترات يؤثر على الأمن الإقليمي، خصوصًا في مناطق مثل كشمير، والوزيرستان، وأفغانستان التي تواجه بالفعل تحديات كبيرة في الحفاظ على استقرارها السياسي.
بالإضافة إلى ذلك، يشكل النزاع تحديًا كبيرًا للدول الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين، اللتين تهتمان باستقرار هذه المنطقة بسبب المصالح الاستراتيجية والاقتصادية.
تُبرز الأحداث الأخيرة بين طالبان وباكستان التحديات المستمرة في المنطقة، حيث تتطلب هذه التوترات استجابة من المجتمع الدولي لضمان استقرار المنطقة وحماية المدنيين من تبعات هذه النزاعات المستمرة.
بينما يسعى كلا الجانبين لتحقيق مصالحه الخاصة، فإن التوترات المستمرة على الحدود تشير إلى أن الحلول العسكرية لن تكون كافية لحل الأزمة، وأن الحلول الدبلوماسية باتت ضرورة ملحة لحماية الأمن الإقليمي وضمان استقرار منطقة جنوب آسيا.
تعليقات